بنظرة خاطفة للوراء وبمراجعة سريعة لشريط حياتك ستجدين أن كل إخفاقاتك في الحياة سببها الجوهري خوفك من التعرض لشعور مؤلم .
أخفقتي في تغيير سلوك سيء فرارآ من ألم مجاهدة النفس , لم تتفوقي في دراستك فرارآ من ألم المذاكرة , خسرتي العديد من الأصدقاء فرارا من ألم الاعتذار وطلب الصفح , تتمنين أن تصبحي شخصية مؤثرة تتصدر المجالس وتعتلي المنابر لكنك خائفة من ألم السخرية ...
الخوف من التعرض للألم شعور مسيطر وموجه للكثير من أفعالنا وارداتنا سواء أدركنا ذلك أم لم ندركه .... وقد أثبتت الدراسات أن مركز الشعور بالألم من أقوى مراكز الشعور في الدماغ , وأسرعها استجابة للمؤثرات الخارجية ...
يقول .د.عبد الباسط السيد في كتابه(الطاقة الروحية) أن الألم من عوامل صفاء الروح , وعده من الطاقات الخلاقة للإبداع, وقال :من يمعن النظر في سير الأشخاص الذين غيروا وجه التاريخ يجد أنهم ممن تألموا كثيرا في طفولتهم ...
مهـــــارة ترويــــــض الالـــــــم ...
كيـــف تتعلمــي مهــارة ترويــض الألــم؟:
بشيء من الفهم العميق لذاتك , والمزيد من التدريب والممارسة يستطيع المرء ترويض شعور الألم وتوجيهه وإحالته إلى طاقة إيجابية خلاقة , وعامل فعال في تحسين أدائه في جميع نواحي الحياة,بل قد يصل في بعض الجزئيات إلى مرحلة الالتذاذ بالألم ! وذلك عند ربطه ذهنيا بمقدمات ومسببات السعادة كما تفعل الأم حينما تكرر تجربة الولادة المرة تلو المرة مع أن الدراسات وضعت ألم الولادة الأول في سلم الألأم الجسدية, والعجيب أنها تفعل ذلك بفرح وانتشاء!!
مهـــــارة ترويــــــض الالـــــــم ...
ســــؤال هـــــام:
هل سبق وأن تساءلت: لماذا لايتألم الناس جميعا بنفس الدرجة؟... مع أنهم فسيولوجيا سواء ,فلا يجرؤ أحد على ادعاء أن مساحة الشعور بالألم في دماغه أوسع من غيره, أو أن النهايات العصبية الممتدة في جسده تختلف عن غيره من البشر فالفوارق إن وجدت تكاد تكون لا شيء لدقتها لكن الشيء الأكيد والذي نراه جميعا أن الناس متفاوتون في شعورهم بالألم وانفعالهم بالمؤثرات الداخلية والخارجية تفاوتا شاسعا , وهنا يبرز جليا تأثير العامل النفسي في المسالة .
كم هو مدهش ومثير أن تمتلكي وحدك التحكم بترمومتر الألم , بحيث تصبحين وحدك من يقرر رفعه في وجدانك أو خفضه أو حتى إعدامه ...
لامتلاك زمام شعورك بالألم والتمكن من ترويضه وتحويله إلى طاقة خلاقة في حياتك اتبعي مايلي:
مهـــــارة ترويــــــض الالـــــــم ...
أولا: افهمــــــي نفســـــك:
لتحدد وبدقة المثيرات المحركة لشعور الألم لديك حيث يتباين الناس في ذلك تباينا شاسعا,أجيبيني: هل أنت حساسة؟ ما درجة حساسيتك تجاه النقد ... السخرية ... التقييم ... هل تكرهين أن يقيمك الآخرون؟ ولماذا؟ هل تعاني من تضخم في الذات؟ نرجسية ... تكبر ... والآن ماذا يمكنك أن تفعلي حيال ذلك؟ إن كنت ممن يعتقدون أنهم يتألمون أكثر من غيرهم ويشعرون بالجرح والإهانه لأدنى سبب ... فأنت أشد الناس حاجة لهذا الموضوع فتابعي بقية الخطوات :
مهـــــارة ترويــــــض الالـــــــم ...
ثانيا: مـــن صاحـــب القــــرار؟:
يؤكد علماء النفس أن خدعة الجبر من أخطر الخدع النفسية. أن تحيى مختارا ,تتألم باختيارك , منتهى القوة والحرية النفسية ... تسكت الألم وقتما تشاء, سيطرة وقيادة كاملة لحياتك ... ثق بكلامي , فعندما تتعرضين لمثيرات الألم النفسي وتستحضري أنك صاحبة القرار في أن تتألمي لأنك إنسانة أو لا تتألمي لأنك مسيطرة وترفضين الخضوع لهكذا شعور في اللحظة الراهنة ويسهل عليك عملية اتخاذ القرار في أن تتألمي أو لا تتألمي ستصبحين إنسانا آخر ...
مهـــــارة ترويــــــض الالـــــــم ...
تخلصي من قيود الذات المتضخمة , وغادري دائرة الأنا وانتقلي إلى دائرة الأخر المؤلم واسألي نفسك : هل يقصد إيلامي ؟ ربما نعم , ربما لا. إذن لماذا؟ هل سببت له الألم؟ والآن اخرجي إلى دائرة ثالثة وقفي محايدة في دائرة المراقب واحكمي بإنصاف, ستندهشين وأنت في شدة انهماكك في مناقشة الموقف مناقشة عقلية , لأنك ستفاجئين بتلاشي شعور الألم !!
مهـــــارة ترويــــــض الالـــــــم ...
ثالثا: تقبـــل الألـــــم:
وذلك بتغيير نظرتك إليه ,واعتباره منحة إلهية ,لتحذير الجسد عند نشؤ علة فيه ,أو تعرضه لخطر خارجي ,ولصقل الروح وتطهير النفس من معايبها وعللها الخفية ,ولإيقاد الفكر ,وتمحيصا للذكفو ورفعا للدرجات وتهذيبا للطباع وشحن القلب بمعاني الرضا والخضوع والذل لله جل في علاه , والاعتراف بالضعف البشري , ولتقبل الآخرين بطباعهم وألمهم ...
أنظري إليه كعامل تحدي واركبي أمواجه لبلوغ أسمى وأرفع أهدافك في الدارين. فإن أعجزتك هذه النظرة الجادة العميقة تجاه شعور الألم فقابليه بسخرية واعتبريه كفوة زكام لابد منها بين فترة وأخرى , أو ضيف ثقيل سيغادر لا محالة المهم أن تحيى مع الألم بفلسفة تعينك على تقبل وجوده لأنه باق ما بقيت الحياة وتقبله يعد خطوة أساسية لمعالجة آثاره السلبية على حياتك وتفكيرك وقراراتك ...
مهـــــارة ترويــــــض الالـــــــم ...
رابعا: لا تتخــذي أي قـــرار فــرارا مــن ألـــم:
لا توافقي على أي عمل وتدفني إبداعك فرار من ألم الفقر. لا تقبلي أي عريس فرار من ألم العنوسة. لاتنخرطي في دراسة تخصص لا تحبيه فرارا من ألم مواجهة والدك ... كم مرة ظننت أن ما أنت مقدمة عليه أمر في غاية الصعوبة والإيلام وأن عليك الاستسلام وقبول ما تعانيه من ألم ثم بعدما استجمعت شجاعتك وأقدمت عليه بعد تفكير وتخطيط واستخارة واستشارة مؤتمن , وخضت غماره بالفعل اكتشفت أنه أسهل بكثير من شعور الخوف الذي سبقه ! كوني شجاعة واتخذي قراراتك بناء على معطيات الواقع واستبصارات العقل ولا تخشي العواقب مادمت محقة . فالشجاعة من أهم أسباب السعادة وأقوى وسيلة لترويض الألم.
مهـــــارة ترويــــــض الالـــــــم ...
خامسا: راقــبي فسيولوجيـــــتك:
كنا نظن ولزمن طويل أن تعبيراتنا الجسدية هي نتاج سيكولوجيتنا لكن اتضح مؤخرا أن العكس هو الصحيح!
ألم يقل جل وعلا : (ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا.إن الله لا يحب كل مختال فخور) لقمان_18
- فهذا نهي عن تعبيرات جسدية تنتج معان نفسية كالكبر والعجب والفخر على الناس .
وقال بالمقابل : (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ) فكل إيماءة جسدية هي رسالة للدماغ ومؤشر لخلق مشاعر معينة.